Friday, February 12, 2010

طريق المساكين إلى مرضاة رب العالمين -التوكل

ومن درجات التوكل: حسن الظن بالله عز وجل. فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له . يكون توكلك عليه . ولذلك فسر بعضهم التوكل بحسن الظن بالله.ومن درجاته: استسلام القلب له، وانجذاب دواعيه كلها إليه، وقطع منازعاته. وهذا معنى قول بعضهم: التوكل إسقاط التدبير. يعني الاستسلام لتدبير الرب لك.ومن درجاته: التفويض. وهو روح التوكل وُلبه وحقيقته . وهو إلقاء أموره كلها إلى الله، وإنزالها به طلبًا واختيارًا، لا كرهًا واضطرارًا.فإذا وضع قدمه في هذه الدرجة. انتقل منها إلى درجة "الرضا". وهي ثمرة التوكل . ومن فسر التوكل : بها. فإنما فسره بأجل ثمراته، وأعظم فوائده . فإنه إذاتوكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله.و"التوكل" من أعم المقامات تعلقًا بالأسماء الحسنى. فإن له تعلقًا خاصًا بعامة أسماء الأفعال، وأسماء الصفات. فله تعلق باسم "الغفار والتواب، والعفو، الرؤوف، والرحيم " وتعلق باسم "الفتاح، والوهاب، والرزاق، والمعطي، والمحسن " وتعلق باسم "المعز، المذل، الحافظ، الرافع، المانع " من جهة توكله عليه في إذلال أعداء دينه، وخفضهم ومنعهم أسباب النصر. وتعلق بأسماء "القدرة، والإرادة " وله تعلق عام بجميع الأسماء الحسنى . ولهذا فسره من فسره من الأئمة بأنه المعرفة بالله.وإنما أراد أنه بحسب معرفة العبد يصح له مقام التوكل . وكلما كان بالله أعرف، كان توكله عليه أقوى.وقد أخبر الله سبحانه وتعالى أنه يحب المتوكلين عليه، كما يحب الشاكرين . وكما يحب المحسنين، وكما يحب الصابرين. وكما يحب التوابين.وأخبر: أن كفايته لهم مقرونة بتوكلهم عليه، وأنه كاف من توكل عليه وحسبه، وجعل لكل عمل من أعمال البر، ومقام من مقاماته جزاء معلومًا.وجعل جزاء المتوكل وكفايته عليه . فقال: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا) (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ) (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا) [الطلاق:2-4-5]و قال: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) [النساء: 69] ثم قال في التوكل: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه). [الطلاق: 3]فانظر إلى هذا الجزاء الذي حصل للمتوكل، ولم يجعله لغيره . وهذا يدل على أن التوكل أقوى السبل عنده وأحبها إليه.ولما كان الأمر كله لله عز وجل، وليس للعبد فيه شيء البتة، كان توكله على الله تسليم الأمر من هو له، وعزل نفسه عن منازعات مالكه، واعتماده عليه فيه، وخروجه عن تصرفه بنفسه، وحوله وقوته، وكونه به، إلى تصرفه بربه، وكونه به سبحانه دون نفسه.( 1)قال أبو علي محمد الروذباري : قلت لعمرو بن سنان : احك لي عن سهل بن عبد الله حكاية، فقال : إنه قال علامة المتوكل ثلاث: لا يسأل ولا يرد ولا يحبس.وقال سهل بن عبد الله : أول مقام في التوكل أن يكون العبد بين يدي الله عز وجل كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف شاء، لا يكون له حركة ولا تدبير.واعلم أن التوكل محله القلب، والحركة بالظاهر لا تنافي التوكل بالقلب، بعدما تحقق العبد أن التقدير من قبل الله تعالى، وإن تعسر شيء فبتقديره، وإن اتفق شيء فبتيسيره.عن أنس بن مالك قال: جاء رجل على ناقة له فقال: يا رسول الله هل أدعها وأتوكل؟ فقال: اعقلها وتوكل. ( 2)وسئل يحيى بن معاذ: متى يكون الرجل متوك ً لا؟ فقال: إذا رضي بالله تعالى وكيلا. وسئل ابن عطاء عن حقيقة التوكل، فقال : أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقتك إليها، ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفك عليها.يقول أبو نصر السراج الطوسي : شرط التوكل ما قاله أبو تراب النخشبي وهو طرح البدن في العبودية، وتعلق القلب بالربوبية، والطمأنينة إلى الكفاية، إن أُعطي شكر، وإ ن منع صبر.

1 comment:

  1. wahai ikhwan fiLlah...hayatilah kalam ini.. moga menjadi bekalan untuk kita dalam TARIQ ini

    ReplyDelete